ديفيد شانون
كاميلا كريم تحب حبوب الفاصولياء .لكنها لم تأكلها مطلقا فكل أصدقائها يكرهون حبوب الفاصولياء و قد أرادت أن تتشبه بهم. كانت كاميلا مهتمة دائما بما يعتقده الآخرون عنها.
اليوم ، كانت أكثر قلقا من المعتاد .
إنه أول أيام العام الدراسي الجديد و لم تستطع أن تقرر ماذا سترتدي، فهناك الكثير من الزملاء الذين تحرص على إثارة إعجابهم.
جربت اثنين و أربعين زيا و لم تجد أيا منها مناسبا.
عندما وضعت فستانها الأحمر الجميل ، نظرت إلى نفسها في المرآة ثم صرخت !
جاءت أمها مسرعة إلى الغرفة و صرخت هي الأخرى : " يا إلهي ! أنت مخططة ".
كان ذلك مؤكدا فقد أضحت كاميلا مغطاة بالخطوط من رأسها حتى قدميها و بدت ملونة كقوس قزح !
مسدت أمها جبينها و سألتها " هل تشعرين بوعكة ؟"، أجابتها كاميلا ،" أنا بخير، لكن انظري إلي".
" اذهبي إلى سريرك فورا " ، أمرتها أمها ، " فلن تذهبي اليوم إلى المدرسة. "
تنفست كاميلا الصعداء رغم أنها لا تحب أن تتغيب عن مدرستها لكنها خافت مما سيقوله الزملاء، و لم تكن لديها أية فكرة عن الزي الملائم لهذه الخطوط العجيبة.
حضر الطبيب (بمبل) بعد الظهر لفحص كاميلا .
" حالة استثنائية " ، فسر قائلا ، " لم أر ما يشبهها من قبل !" ، ثم سألها " هل تشتكين من سعال، عطاس، أوجاع، آلام ، هبات ساخنة، دوخان، رجفة، خلجات لا إرادية ؟ "
" لا ، أشعر أني بخير"، أجابت كاميلا.
التفت الطبيب (بمبل) إلى أمها و خاطبها ، " حسنا، لا أجد سببا يمنعها من الذهاب إلى المدرسة غدا، هذا المرهم سيساعدها على التخلص من هذه الخطوط في غضون أيام.
و إن لم تنجل خطوطها، هاتفيني ."
اليوم الثاني كان كارثيا ، ضحك الأولاد كلهم من منظر كاميلا ، و لقبوها بكاميلا ألوان الشمع
و بحلوى المصاص.
حاولت جهدها أن تتصرف و كأن كل شيء يبدو عاديا ، لكن ما إن أنشد الفصل نشيد العلم حتى تغير لون خطوطها إلى ألوان العلم و انتشرعلى جسدها طفح جلدي على شكل نجوم صغيرة !!
انبهر الأطفال من منظر كاميلا و اعتقد بعضهم أن هذا كان رائعا!!
هتف أحدهم ، " أريدها مرقطة ببقع بنفسجية " و سرعان ما تغير لون كاميلا إلى بقع بنفسجية !
تعالت هتافات الأولاد بأشكال و ألوان مختلفة و أخذ جلد كاميلا يتغير و يتقلب سريعا كما تتقلب قنوات التلفاز.
في ذلك المساء ، هاتف مدير المدرسة السيد هارمز والد كاميلا ، " آسف سيد كريم ، لن أسمح لكاميلا بالحضور إلى المدرسة، فقد صارت ملفتة جدا و وجودها يثير فوضى بين الأولاد ، كما أنني تلقيت مكالمات عديدة من الأهالي ،أبدوا فيها خوفهم من عدوى هذه الخطوط و خطر انتقالها إلى أبنائهم. "
شعرت كاميلا بحرج شديد . قبل يومين كان الجميع يحبها ، أما الآن فلا أحد يريد أن يجتمع بها في غرفه واحدة .
حاول والدها أن يطيب خاطرها ، سألها ، " هل تريدين مني أن أجلب لك أي شيء يا حبيبتي؟ ".
"لا" ، أجابت كاميلا .
لكنها في حقيقة الأمر كانت تتمنى أن تأكل صحنا مليئا بحبوب الفاصولياء ، إلا أنها شعرت بأنها قد نالت من السخرية ما يكفيها في يوم احد.
" أوه، حسنا ، حسنا " قال الطبيب (بمبل) للسيد كريم على الهاتف ، " من الأفضل أن أحضر معي المختصين! ".
بعد ساعة، حضر الطبيب (بمبل) و معه مجموعة من الأطباء بمعاطف بيضاء .
عرفهم بعائلة كريم ، "هذا الطبيب ( جراب ) ، (سبونج)، ( كريكيت) ، (يونغ)."
قام الأطباء بفحص كاميلا ، و قرع مفاصلها و دغدغتها ، لم يكن الأمر مريحا.
أجمعوا على أن الخطوط لا تبدو كالنكاف ، أو الحصبة ، أو الجدري، أو الحروق الناتجة عن التعرض للشمس.
ناولها كل منهم زجاجة دواء و طلبوا منها أن تتناول الحبوب الملونة قبل النوم ، ثم انصرفوا جميعا.
تناولت كاميلا حبوب الدواء الملونة ، و حين استيقظت في الصباح شعرت بأنها مختلفة.
عندما ارتدت ملابسها لاحظت أنها ضاقت عليها و حين نظرت في المرآة وجدت حبة دواء عملاقة و ملونة تحدق بها و تحمل تقاسيم وجهها !
هرع الطبيب (بمبل) إلى منزل عائلة كريم بعد مكالمة تليفونية مع السيدة كريم، و في هذه المرة أحضر معه الخبراء !!
حضر د.چورد و السيد ميلون، أعظم عالمين على وجه الأرض.
مرة أخرى ، قاما بفحصها و وخزها . كتبا كثيرا من الأرقام ، ثم قال د.چورد ، " يبدو أنه فيروس " . ظهرت كرات فيروسية على جلد كاميلا سريعا.
علق السيد ميلون ، " ربما بكتيريا " ، و بسرعة ظهرت أذناب بكتيرية من جلد كاميلا.
" ربما فطر "، علق د.چورد , و ما إن أنهى جملته حتى ظهرت طفح فطرية.
نظر كل منهما إلى الآخر ثم نظرا إلى كاميلا و قالا إنهما بحاجة لإجراء المزيد من الدراسات و الأرقام ، " سنهاتفكم إن خرجنا بنتيجة. "
انصرف الخبراء و هم يجهلون علة كاميلا.
ذاع صيت كاميلا و تحدثت عنها أجهزة الإعلام و التلفزة و الجرائد و صارت الفتاة ذات المظهر الغريب محط أنظار الجميع.
احتار أهل كاميلا في علتها و لم يبق سيكولوجي، خبير تغذية، طبيب حساسية ، طبيب أورام، طبيب باطني ، خبير أعشاب ، و حتى طبيب بيطري إلا و أقر بصعوبة علتها ، و صار من الصعب تمييز شكل كاميلا بعد ما حدث لها من تغيرات.
فقد صار لها جذور ، أغصان، ريش، و ذنب !
في يوم ما ، ادعت امرأة تطلق على نفسها لقب (معالجة بيئية ) ، قدرتها على علاج كاميلا.
خاطبتها ،" أغلقي عينيك، خذي نفسا عميقا ، توحدي مع حجرتك! "
"أتمنى لو أنها لم تقل ذلك. " ، امتعضت كاميلا !
فجأة بدأت كاميلا بالانصهار و التوحد مع جدران الغرفة ، صارت عيناها صورتين، و أصبح فمها سريرا ، و أنفها خزانة ملابس.
فزعت المعالجة حين رأت ذلك و هربت من المنزل.
بكت أم كاميلا و قالت ، " ماذا سنفعل ، حالها يتحول من سيء إلى أسوأ. " ، و أخذت تنتحب.
لكن طرقا على الباب استرعى انتباه السيد كريم ، و عندما فتحه وجد عجوزا طيبة.
قالت العجوز بلطف ، "اسمحا لي ، أعتقد أني أستطيع المساعدة. "
حين دخلت العجوز إلى غرفة كاميلا ، قالت " يا إلهي ، إنها حالة سيئة من الخطوط ، إنها أسوأ حالة رأيتها ."
ثم أخرجت إناء يحتوي حبوب الفاصولياء و أشارت إليه ، " هذا ما تحتاجه. "
سألت السيدة كريم ،" هل هذه حبوب فاصولياء سحرية ؟ "
" طبعا لا، لا توجد فاصولياء سحرية. إنها حبوب فاصولياء عادية."، أجابت العجوز.
ثم خاطبت كاميلا " هيا تناولي بعضا منها. "
كانت كاميلا تتوق إلى صحن مليء بحبات الفاصولياء، إلا أنها لم ترد أن تقر بذلك أبدا .
أجابت كاميلا ، " ييييخ ، لا أريد. لا أحد يحب حبوب الفاصولياء و خصوصا أنا ! "
"أوه ، يا عزيزتي ! "، قالت العجوز ، " اعتقدت خطأ أنها يمكن أن تساعدك ."
تناولت العجوز حبوبها و همت بالمغادرة.
أخذت كاميلا تراقب العجوز و هي تغادر ، ثم تدبرت الأمر في نفسها فماذا سيحدث لها أسوأ مما حدث ، ما هي فيه الآن أسوأ بكثير.
نادت كاميلا العجوز قائلة ، " أنا أحب حبوب الفاصولياء ، أريد أن آكلها ، لا تغادري أرجوك.."
حين تناولت كاميلا حبوب الفاصولياء، حدث شيء غريب ، بدأت الأغصان بالاختفاء و لم يبق ريش أو ذيل أو نتوءات ثم تبدلت أحوال الغرفة و عادت ملامح كاميلا تظهر من جديد. ربتت العجوز على رأس كاميلا و قالت إنها عثرت على فتاة جديدة في أعماقها.
عادت كاميلا كما كانت إلى المدرسة لكنها كانت مختلفة تماما .
لم تهتم لما يقوله البقية عنها و رغم أن بعضهم نعتها بأنها غريبة الأطوار ، إلا أنها استمرت في أكل حبوب الفاصولياء التي تحبها و بالمقدار الذي تريده، و من يومها لم تعاودها تلك الخطوط ثانية !!