مؤتمر الشرفاء
(من الأدب الهندى)
اقسم بالله انني لست مذنبا في اي شيء !لم افعل شيئا استحق من جرائه ان ادرج في قائمة المواطنين الشرفاء.
ولا اعرف شخصيا ما الذي خطر ببالهم عندما تسلمت ذات مرة رسالة تقول:
( ينعقد في مدينتنا مؤتمر لبحث قضايا الشرف.
نحن نعلم انك مواطن شريف من مواطني البلد.
نرجو منك ان تفتتح المؤتمر، وتتلو كلمة المؤتمرين التي ستتبعها ندوة لمدة اسبوعين.
نأمل ان نحظى على موافقتكم الكريمة على رئاسة الجلسة في اليوم الأول
والمشاركة في النقاش في اليوم الثاني .
المواصلات مؤمنة في كلا الاتجاهين في عربة الدرجة الاولى ،
وكذلك المأكل والسكن في افضل الفنادق .
انك تعلم بانه تجري في بلدنا في الوقت الراهن تحولات اجتماعية عميقة ،
وهذا يجعل مهمة تربية الوعي والكرامة بين مواطنينا مسألة في غاية الأهمية
مما يعطي المؤتمر دلالة وطنية شاملة على مستوى الدولة .
ان مساهمتكم في اعمال المؤتمر تلهم مواطنينا الشرفاء، وكل من يحدوه الامل في ان يصبح كذلك في المستقبل القريب.)
هكذا وقعت في هذه المجموعة ولم اكن ارغب في ذلك. لكن ما دام الامر على هذه الشاكلة فلأسافر، مع ان مسألة الشرف هذه لم تؤرقني قط. وأقول الحق انني ابصق عليها.
لكنني وازنت الامر
اسافر في الدرجة الثانية ، واقبض ثمن الأولى – فأضع مئة و خمسين روبية في جيبي.
اتناول طعام الافطار والغداء والشاي لمدة ثلاثة ايام مجانا. فأوفر حوالي ثلاثين روبية.
وبذلك يكون لدي مئة وثمانون روبية عدا ونقدا.
يقول قائل: هذه وسيلة غير شريفة ؟ لكن ليس عبثا ان اعترفوا بي مواطنا شريفا على المستوى الوطني! إن مثل هذا الشخص يجب ان يكون قادرا على الصيد. والا فانه لا يساوي شروى نقير.
في محطة القطار كان الاحتفاء بوصولي باذخا. انهالت علي باقات الزهر المتنوعة التي زادت على العشر. ( من المؤسف – ان لا يوجد بائع زهور على مقربة مني ، لأبيعه هذه البضاعة) هذا ما فكرت به.
اقمت في غرفة واسعة ضخمة، يوجد فيها ثلاثة اسرة. وعلى التو وضع منظمو المؤتمر قفلا كبيرا على الباب ، وهل يمكن الاعتماد على موظفي الفندق ؟
كان المؤتمر غاصا بالشرفاء ، والشريف الحق يتعين عليه ان يأخذ حذره من المؤتمرين الآخرين.
على يسار غرفتي وقبالتي على امتداد ممرين عاش اكثر من ثلاثين مندوبا ، وضعو معي في الغرفة اثنين من الزملاء على السريرين الفارغين. كيف تضع القفل هنا ، وانت لست وحيدا !؟ ليس في ذلك ضرورة لأن جميع من توافدو الى المؤتمر هم من الشرفاء. ان اللصوص انفسهم عندما يلتقون في مؤتمر لهم لا يمكن ان يغلق اي واحد منهم باب غرفته، وقد كانت لي تجربة شخصية في هذا المضمار واقتنعت بنفسي من ذلك.
كان الافتتاح مهيبا للغاية ألقيت كلمة امتدت ساعة كاملة، كلمة جيدة ، مازلت استحي على تذكرها.
بعد الجلسة شرع الجميع بالانصراف. كنت ضيفا عزيزا. احاط بي الناس من كل جانب راغبين بالحديث معي . وما ان تحررت منهم حتى انطلقت الى المخرج ابحث عن حذائي – لكن لم اعثر على شيء. كان حذاء جيدا وجديدا. لم يتبق في القاعة سوى زوج حذاء قديم جدا. ولم يكن هناك من مخرج سوى تثبيته في قدميّ. شاهد الناس ذلك، وسرَت الإشاعات.
دلف إلى غرفتي احد المندوبين وهو يقول : سمعت ان احدهم قد لبس حذاءك؟
أجبته: نعم في مثل هذا الزحام يختلط الحابل بالنابل.
تطلعت فوجدت حذائي في قدميه. وهو ينظر الى رجليّ. تعرفت طبعا على حذاء إلا انني لم اعر ذلك اي اهتمام.
قال بكل ثقة: استمع الي ، لا ينبغي لك ان تخلع فردتي حذائك وتضعهما معا في مكان واحد. عندما تخلع فردة ابتعد عشرة اقدام وضع الفردة الأخرى. بهذا لا يقوم بسرقتها احد، كن مطمئنا. اما ان تضع الفردتين معا فان اي واحد يمكن ان يلبسهما. انا هكذا اتصرف.
احدّق في عينيه ولا اجد اي اثر .
يجلس وحذائي في قدميه ويلقنني دروسا.
قلت له: لا بأس، سأشتري غذا حذاء جديدا. وأنا مسرور ان حذاءك لم يمسه احد!
واكتشفت في المساء ان احد الشراشف قد فقد. اخبرت منظمي المؤتمر.
- من الممكن ان يكون قد اودع للغسيل. سيحضرون شرشفا جديدا، لكنهم لم يحضروا شيئا.
في اليوم التالي بدأت الندوة، كانت موضوعاتها شائقة جدا:
• الشرف في المنظور التاريخي.
• الشرف والواجب.
• جمالية اللاشرف.
• الشرف في المرحلة الراهنة.
كان مستوى المداخلات عليا جدا، لا سيما في موضوع "جماليات اللاشرف"، و أشار المشاركون في الندوة بارتياح الى ضرورة مناقشة هذا الجانب في مثل هذا المؤتمر، اذ من الممكن ان تضاف ثروة جديدة الى هذه المسألة.
وما ان عدت الى الفندق في مساء ذلك اليوم حتى وجدت ان شرشفين آخرين قد اختفيا. وهكذا فان ثلاثة شراشف اصبحت مفقودة.
وفي هذه الأثناء كان المندوبون بتوافدون الي، وكلهم يضجون بالشكوى:
- لا يوجد في مدينتنا فرع "لجمعية المواطنين الشرفاء". اننا جئنا على نفقتنا الخاصة. اخذ اعضاء اللجنة التنظيمية من كل واحد منا عشر روبيات مقابل السماح لنا بالمشاركة في اعمال المؤتمر، وصوتنا استشاري فقط. لا يوجد اي حق مكتسب لنا.
- كيف! بدون اية حقوق؟
اعترضت قائلا: لكم الحق في الأكل والمناقشة مجانا طوال ثلاثة ايام. ولكم الحق في الاشتراك في الانتخابات. حاولوا ان تحصلو على عضوية سكرتاريا او نيابة في المؤتر. أو في أسوء الحالات أن تكونو أعضاء في اللجنة التنفيذية. أقطعتم كل هذه المسافات بلا ثمن؟
التقينا في اليوم الثاني في الاجتماع، اردت ان اضع نظاراتي على على عيني لوقايتها من الشمس، الا انني لم اجدها. لقد كانت معي قبيل ذلك.
تحدثت لواحد تلو الآخر عن هذا. وسرت إشاعات وسمعت ضجة في الغرفة المجاورة – لقد سرقت حقيبة يد أحد المندوبين.
تساءلت قائلا: هل يوجد فيها فلوس؟
كان الجواب: كلا، لا يوجد سوى وثائق.
قلت:سيعثرون عليها.
ذهبت الى الجلسة بدون نظارات. لما كنت اتناول الشاي في فترة الاستراحة، التف المندبون حولي، وهم يبدون تعاطفهم تجاهي،
اقترب مني رجل وجيه قائلا: الى اي مدى وصل الانحطاط، الكل ينهب! ايعقل ان تضيع نظاراتك!
هل كان يضع نظارات على عينيه قبيل ذلك، كما اذكر، لم يكن لديه نظارات.انظر فأرى، نظاراتي فوق انفه في اطاراها السميك الاسود. وهو يجلس امامي وكأن شيء لم يحدث.
تساءل الرجل: لماذا لم تلبس نظارتك أمس؟
- من يلبس نظارات في المساء عندما يكون ضوء القمر مشعا؟ لقد تركتهما في الغرفة فوق الطاولة.
استطرد الرجل قائلا:
- يبدو ان احدهم قد سرقها، احدق في وجهه بعناد ، وهو يجلس ونظاراتي فوق أنفه، ولا يهتز له شنب، يبدو انه اجتاز بنجاح ندوة جماليات اللاشرف.
شكرا لمنظمي المؤتمر – فقد اشترو لي نظارة جديدة. في اليوم الثالث عند المساء ارتفعت درجة حرارتي ، وبدأت ارتعش، اخذت أروح وأجيء في الغرفة وأنا افكر: يجب ان اجد الحرام الصوفي، الا انني لم اعثر في اغراضي عليه. تعالت الضجة.
وجاء رئيس اللجنة التنظيمية بنفسه وبدأ يسائل النشطاء ويأمر:
- انت الحارس هنا: وينهبون امام انفك، وأنت تخفي أذنيك! أولا تعلم ما هو مؤتمرنا؟ تنتشر الإشاعات – ولا تستطيع ان تحتمي من النار والشتاء.
وتساءل النشطاء لتبرير ما يحدث:
- ماذا يمكن ان نفعل؟ المندبون المحترمون يدخلون ويخرجون متى شاءوا، نمنعهم؟ وهل نستطيع ان نمنعهم؟
استاء الرئيس جدا. وقال: سأستدعي البوليس، ليقوم بحملة تفتيش!
وهنا سارعت الى التدخل:
- لا تفعل ذلك مهما كانت الاسباب: المؤتمر هو "مؤتمر المواطنين الشرفاء" وفجأة البوليس!فكرّ بما يمكن ان يحدث هذا من انطباع. في مثل هذه المؤتمرات الكبيرة يمكن اي يحدث اي شيء، ولا يمر مؤتمر بدون ذلك.
تدخل احد النشطاء: ومن تريدون تفتيشه؟ حوالي نصف المؤتمرين تسلموا استحقاقاتهم وسافروا.
اندفع شخص من بين الجمهور يقول:انا اشتبه بأولئك المندوبين الذين ليسو أعضاء في جمعيتنا. سمع الكلام احد أعضاء العشر روبيات. آه، كم كان غضبه عارماً.
- هكذا اذن،نحن المذنبون في كل شيء؟ او تظن اننا جئنا الى هنا بغرض السرقة. لِمَ اعلنتم في الصحف ان كل من يريد المشاركة في استطاعته الحضور على ان يحضر معه عشرة روبيات؟ لو كنت اعلم ما سيحدث ، لما قدمت قط. لقد فقدت مني مطرة ماء، ونشلوا من جيب زميلي خمسين روبية. مما يتبادر الى الذهن انكم دعوتم الى انعقاد هذا المؤتمر لتسرقو المندوبين. فتشوا انفسكم قبل الآخرين.
ولم اتمكن من ايقافه الا بعناء. وفي الليل رتبت ملابسي ووضعتها في الحقيبة. ووضعت الحذاء الجديد وماكنة الحلاقة تحت الفراش.
نويت السفر صباحا. لقد دفعو لي بسخاء عن كل شيء، رتبت الأغراض جاء رئيس اللجنة التنظيمية،
وقال: يا سيد بارسائي، وقت القطار الذي ستسافر فيه ما زال بعيداً. وأنا أدعوك للغداء معنا في مطعم جيد. سنغلق الغرفة.
قاطعته بحدة: يكفي لا يوجد قفل. سأذهب الى المحطة. ولن ابقى هنا ولو للحظة واحدة.
تعجب الرئيس جدا: مالذي يدعو الى كل هذا الغضب؟ تساءل الرجل.
- انني لست غاضبا قط. كما ترى كل ما كان يمكن ان يسرق تمت سرقته. حتى قفل الباب نهب. الآن جاء دوري شخصيا، إن مكثت هنا، فلا اصحو على نفسي الا وانا من ضمن المسروقات.
_______________
تأليف: هاريشانكار بارسائي
ترجمة: الدكتور حسين جمعة
منقول
(من الأدب الهندى)
اقسم بالله انني لست مذنبا في اي شيء !لم افعل شيئا استحق من جرائه ان ادرج في قائمة المواطنين الشرفاء.
ولا اعرف شخصيا ما الذي خطر ببالهم عندما تسلمت ذات مرة رسالة تقول:
( ينعقد في مدينتنا مؤتمر لبحث قضايا الشرف.
نحن نعلم انك مواطن شريف من مواطني البلد.
نرجو منك ان تفتتح المؤتمر، وتتلو كلمة المؤتمرين التي ستتبعها ندوة لمدة اسبوعين.
نأمل ان نحظى على موافقتكم الكريمة على رئاسة الجلسة في اليوم الأول
والمشاركة في النقاش في اليوم الثاني .
المواصلات مؤمنة في كلا الاتجاهين في عربة الدرجة الاولى ،
وكذلك المأكل والسكن في افضل الفنادق .
انك تعلم بانه تجري في بلدنا في الوقت الراهن تحولات اجتماعية عميقة ،
وهذا يجعل مهمة تربية الوعي والكرامة بين مواطنينا مسألة في غاية الأهمية
مما يعطي المؤتمر دلالة وطنية شاملة على مستوى الدولة .
ان مساهمتكم في اعمال المؤتمر تلهم مواطنينا الشرفاء، وكل من يحدوه الامل في ان يصبح كذلك في المستقبل القريب.)
هكذا وقعت في هذه المجموعة ولم اكن ارغب في ذلك. لكن ما دام الامر على هذه الشاكلة فلأسافر، مع ان مسألة الشرف هذه لم تؤرقني قط. وأقول الحق انني ابصق عليها.
لكنني وازنت الامر
اسافر في الدرجة الثانية ، واقبض ثمن الأولى – فأضع مئة و خمسين روبية في جيبي.
اتناول طعام الافطار والغداء والشاي لمدة ثلاثة ايام مجانا. فأوفر حوالي ثلاثين روبية.
وبذلك يكون لدي مئة وثمانون روبية عدا ونقدا.
يقول قائل: هذه وسيلة غير شريفة ؟ لكن ليس عبثا ان اعترفوا بي مواطنا شريفا على المستوى الوطني! إن مثل هذا الشخص يجب ان يكون قادرا على الصيد. والا فانه لا يساوي شروى نقير.
في محطة القطار كان الاحتفاء بوصولي باذخا. انهالت علي باقات الزهر المتنوعة التي زادت على العشر. ( من المؤسف – ان لا يوجد بائع زهور على مقربة مني ، لأبيعه هذه البضاعة) هذا ما فكرت به.
اقمت في غرفة واسعة ضخمة، يوجد فيها ثلاثة اسرة. وعلى التو وضع منظمو المؤتمر قفلا كبيرا على الباب ، وهل يمكن الاعتماد على موظفي الفندق ؟
كان المؤتمر غاصا بالشرفاء ، والشريف الحق يتعين عليه ان يأخذ حذره من المؤتمرين الآخرين.
على يسار غرفتي وقبالتي على امتداد ممرين عاش اكثر من ثلاثين مندوبا ، وضعو معي في الغرفة اثنين من الزملاء على السريرين الفارغين. كيف تضع القفل هنا ، وانت لست وحيدا !؟ ليس في ذلك ضرورة لأن جميع من توافدو الى المؤتمر هم من الشرفاء. ان اللصوص انفسهم عندما يلتقون في مؤتمر لهم لا يمكن ان يغلق اي واحد منهم باب غرفته، وقد كانت لي تجربة شخصية في هذا المضمار واقتنعت بنفسي من ذلك.
كان الافتتاح مهيبا للغاية ألقيت كلمة امتدت ساعة كاملة، كلمة جيدة ، مازلت استحي على تذكرها.
بعد الجلسة شرع الجميع بالانصراف. كنت ضيفا عزيزا. احاط بي الناس من كل جانب راغبين بالحديث معي . وما ان تحررت منهم حتى انطلقت الى المخرج ابحث عن حذائي – لكن لم اعثر على شيء. كان حذاء جيدا وجديدا. لم يتبق في القاعة سوى زوج حذاء قديم جدا. ولم يكن هناك من مخرج سوى تثبيته في قدميّ. شاهد الناس ذلك، وسرَت الإشاعات.
دلف إلى غرفتي احد المندوبين وهو يقول : سمعت ان احدهم قد لبس حذاءك؟
أجبته: نعم في مثل هذا الزحام يختلط الحابل بالنابل.
تطلعت فوجدت حذائي في قدميه. وهو ينظر الى رجليّ. تعرفت طبعا على حذاء إلا انني لم اعر ذلك اي اهتمام.
قال بكل ثقة: استمع الي ، لا ينبغي لك ان تخلع فردتي حذائك وتضعهما معا في مكان واحد. عندما تخلع فردة ابتعد عشرة اقدام وضع الفردة الأخرى. بهذا لا يقوم بسرقتها احد، كن مطمئنا. اما ان تضع الفردتين معا فان اي واحد يمكن ان يلبسهما. انا هكذا اتصرف.
احدّق في عينيه ولا اجد اي اثر .
يجلس وحذائي في قدميه ويلقنني دروسا.
قلت له: لا بأس، سأشتري غذا حذاء جديدا. وأنا مسرور ان حذاءك لم يمسه احد!
واكتشفت في المساء ان احد الشراشف قد فقد. اخبرت منظمي المؤتمر.
- من الممكن ان يكون قد اودع للغسيل. سيحضرون شرشفا جديدا، لكنهم لم يحضروا شيئا.
في اليوم التالي بدأت الندوة، كانت موضوعاتها شائقة جدا:
• الشرف في المنظور التاريخي.
• الشرف والواجب.
• جمالية اللاشرف.
• الشرف في المرحلة الراهنة.
كان مستوى المداخلات عليا جدا، لا سيما في موضوع "جماليات اللاشرف"، و أشار المشاركون في الندوة بارتياح الى ضرورة مناقشة هذا الجانب في مثل هذا المؤتمر، اذ من الممكن ان تضاف ثروة جديدة الى هذه المسألة.
وما ان عدت الى الفندق في مساء ذلك اليوم حتى وجدت ان شرشفين آخرين قد اختفيا. وهكذا فان ثلاثة شراشف اصبحت مفقودة.
وفي هذه الأثناء كان المندوبون بتوافدون الي، وكلهم يضجون بالشكوى:
- لا يوجد في مدينتنا فرع "لجمعية المواطنين الشرفاء". اننا جئنا على نفقتنا الخاصة. اخذ اعضاء اللجنة التنظيمية من كل واحد منا عشر روبيات مقابل السماح لنا بالمشاركة في اعمال المؤتمر، وصوتنا استشاري فقط. لا يوجد اي حق مكتسب لنا.
- كيف! بدون اية حقوق؟
اعترضت قائلا: لكم الحق في الأكل والمناقشة مجانا طوال ثلاثة ايام. ولكم الحق في الاشتراك في الانتخابات. حاولوا ان تحصلو على عضوية سكرتاريا او نيابة في المؤتر. أو في أسوء الحالات أن تكونو أعضاء في اللجنة التنفيذية. أقطعتم كل هذه المسافات بلا ثمن؟
التقينا في اليوم الثاني في الاجتماع، اردت ان اضع نظاراتي على على عيني لوقايتها من الشمس، الا انني لم اجدها. لقد كانت معي قبيل ذلك.
تحدثت لواحد تلو الآخر عن هذا. وسرت إشاعات وسمعت ضجة في الغرفة المجاورة – لقد سرقت حقيبة يد أحد المندوبين.
تساءلت قائلا: هل يوجد فيها فلوس؟
كان الجواب: كلا، لا يوجد سوى وثائق.
قلت:سيعثرون عليها.
ذهبت الى الجلسة بدون نظارات. لما كنت اتناول الشاي في فترة الاستراحة، التف المندبون حولي، وهم يبدون تعاطفهم تجاهي،
اقترب مني رجل وجيه قائلا: الى اي مدى وصل الانحطاط، الكل ينهب! ايعقل ان تضيع نظاراتك!
هل كان يضع نظارات على عينيه قبيل ذلك، كما اذكر، لم يكن لديه نظارات.انظر فأرى، نظاراتي فوق انفه في اطاراها السميك الاسود. وهو يجلس امامي وكأن شيء لم يحدث.
تساءل الرجل: لماذا لم تلبس نظارتك أمس؟
- من يلبس نظارات في المساء عندما يكون ضوء القمر مشعا؟ لقد تركتهما في الغرفة فوق الطاولة.
استطرد الرجل قائلا:
- يبدو ان احدهم قد سرقها، احدق في وجهه بعناد ، وهو يجلس ونظاراتي فوق أنفه، ولا يهتز له شنب، يبدو انه اجتاز بنجاح ندوة جماليات اللاشرف.
شكرا لمنظمي المؤتمر – فقد اشترو لي نظارة جديدة. في اليوم الثالث عند المساء ارتفعت درجة حرارتي ، وبدأت ارتعش، اخذت أروح وأجيء في الغرفة وأنا افكر: يجب ان اجد الحرام الصوفي، الا انني لم اعثر في اغراضي عليه. تعالت الضجة.
وجاء رئيس اللجنة التنظيمية بنفسه وبدأ يسائل النشطاء ويأمر:
- انت الحارس هنا: وينهبون امام انفك، وأنت تخفي أذنيك! أولا تعلم ما هو مؤتمرنا؟ تنتشر الإشاعات – ولا تستطيع ان تحتمي من النار والشتاء.
وتساءل النشطاء لتبرير ما يحدث:
- ماذا يمكن ان نفعل؟ المندبون المحترمون يدخلون ويخرجون متى شاءوا، نمنعهم؟ وهل نستطيع ان نمنعهم؟
استاء الرئيس جدا. وقال: سأستدعي البوليس، ليقوم بحملة تفتيش!
وهنا سارعت الى التدخل:
- لا تفعل ذلك مهما كانت الاسباب: المؤتمر هو "مؤتمر المواطنين الشرفاء" وفجأة البوليس!فكرّ بما يمكن ان يحدث هذا من انطباع. في مثل هذه المؤتمرات الكبيرة يمكن اي يحدث اي شيء، ولا يمر مؤتمر بدون ذلك.
تدخل احد النشطاء: ومن تريدون تفتيشه؟ حوالي نصف المؤتمرين تسلموا استحقاقاتهم وسافروا.
اندفع شخص من بين الجمهور يقول:انا اشتبه بأولئك المندوبين الذين ليسو أعضاء في جمعيتنا. سمع الكلام احد أعضاء العشر روبيات. آه، كم كان غضبه عارماً.
- هكذا اذن،نحن المذنبون في كل شيء؟ او تظن اننا جئنا الى هنا بغرض السرقة. لِمَ اعلنتم في الصحف ان كل من يريد المشاركة في استطاعته الحضور على ان يحضر معه عشرة روبيات؟ لو كنت اعلم ما سيحدث ، لما قدمت قط. لقد فقدت مني مطرة ماء، ونشلوا من جيب زميلي خمسين روبية. مما يتبادر الى الذهن انكم دعوتم الى انعقاد هذا المؤتمر لتسرقو المندوبين. فتشوا انفسكم قبل الآخرين.
ولم اتمكن من ايقافه الا بعناء. وفي الليل رتبت ملابسي ووضعتها في الحقيبة. ووضعت الحذاء الجديد وماكنة الحلاقة تحت الفراش.
نويت السفر صباحا. لقد دفعو لي بسخاء عن كل شيء، رتبت الأغراض جاء رئيس اللجنة التنظيمية،
وقال: يا سيد بارسائي، وقت القطار الذي ستسافر فيه ما زال بعيداً. وأنا أدعوك للغداء معنا في مطعم جيد. سنغلق الغرفة.
قاطعته بحدة: يكفي لا يوجد قفل. سأذهب الى المحطة. ولن ابقى هنا ولو للحظة واحدة.
تعجب الرئيس جدا: مالذي يدعو الى كل هذا الغضب؟ تساءل الرجل.
- انني لست غاضبا قط. كما ترى كل ما كان يمكن ان يسرق تمت سرقته. حتى قفل الباب نهب. الآن جاء دوري شخصيا، إن مكثت هنا، فلا اصحو على نفسي الا وانا من ضمن المسروقات.
_______________
تأليف: هاريشانكار بارسائي
ترجمة: الدكتور حسين جمعة
منقول